17 مـايـو
بقلم: سالم الحمود الجابر الصباح
قد تمر على الإنسان تواريخ لا يمكن أن ينساها وأخرى يريد أن ينساها وثالثة لا يريد تذكرها أو نسيانها، ومن تلك التواريخ التي لا تنسى في حياة أهل الكويت هو 17 مايو عام 1896/م، ذكرى تولي «أبو الكويت – الشيخ/ مبارك بن صباح بن جابر - مبارك الكبير»، وقد رأيت أن أبين «لأهل الكويت» وخصوصاً «لأبنائنا من الشباب» ما لهذا الرجل من أفضال على هذا البلد الذي نعموا بخيراته ولولاه لما كان، وبعيداً عن العاطفة وتجرداً من صلات القربى التي تربطني به فإنني سأذكر حادثة تعد مفترق طرق في أن تكون «الكويت» أو لا تكون ولولا حكمة هذا الرجل وثاقب بصره وبصيرته لكانت «الكويت» الآن جزءا من «الدولة العثمانية» ما ترتب على ذلك من تقسيم تلك الدولة، ففي «تاريخ 29 يوليو عام 1901/م، حشدت الدولة العثمانية على حدود الكويت الشمالية» عند صفوان جيشاً يقدر في ذلك الوقت بما بين 5 إلى 10/ آلاف جندي، وهذا العدد وإن كان قليلاً في أيامنا الحالية إلا أنه عدد ضخم في تلك الأيام، وبالنسبة إلى بلد صغير مثل «الكويت» ولكن ذلك لم يكن مفاجأة لرجل مثل «مبارك الكبير» فقد عقد بتاريخ 22 يناير عام 1899/م، معاهدة مع «الدولة البريطانية» فعندما بعث «العثمانيون» بوفد لهم على الطراد «زخاف» وجاء منذراً له بخيارات ثلاثة كان أحلاهم مراً أولها أن يغادر «هو وعائلته الكويت، ويعين عضواً من الأستانة» وثاني تلك الخيارات أن يعين «قائم مقام لأحد البلدان التابعة للدولة العثمانية ما عدا الكويت»، والخيار الثالث في حالة رفضه الخيارين السابقين أن تدخل «القوات العثمانية وتحتل الكويت» وتطرده منها فطلب من الوفد المرسل أن يمهله بعض الوقت حيث اتصل سراً «بالمقيم السياسي البريطاني» في الخليج وكان مقره في ذلك الوقت في «أبوشهر في إيران فأرسلت الحكومة البريطانية» له قوة بحرية طردت «الطراد العثماني» وأنذرت قواته بعدم المساس «بحدود الكويت»، وإذا ذكرنا أن «الأمير» الحالي هو الثالث عشر في ترتيب الحكام الذين تولوا «حكم الكويت من أسرة آل صباح» وكان ترتيب «مبارك الكبير» هو السابع من بين هؤلاء الحكام ولو رتبنا أسماءهم على شكل عقد لكان هو درة العقد له ستة قبله ومثلهم بعده، وبما أنني قد ذكرت هذه الحادثة التاريخية لأثبت فضل «مبارك الكبير» في بقاء الكويت أي فضل بعض الرجال في تثبيت أركان أوطانهم فلا بأس من ذكر الحادثتين عبر التاريخ كان بعض الحكام سبباً في ضياع أوطانهم، الحادثة الأولى هي أن «مروان بن محمد - وهو الخليفة الرابع عشر للدولة الأموية» قام في سنة 744 ميلادية/ بعزل الخليفة الذي قبله «إبراهيم بن الوليد» الذي توفي بعد 5 أيام من عزله واستمر «مروان بن محمد بحكم الدولة الأموية» التي كانت تمتد حدودها من «بلاد الأندلس غرباً»، إلى «بلاد ما وراء النهر شرقاً» ولكنها ضاعت في عهده وقتل عندما كان هارباً إلى «مصر» وقد يكون قد انطبق عليهم قول شاعر النيل/ حافظ إبراهيم:
«أمـة قـد فـت في ساعدهـابغضهـا الأهـل وحـب الغـربا»
والحالة الثانية التي نستخلصها من التاريخ وهي حديثة نسبياً ففي أوائل السبعينيات قام «محمد ظاهر شاه ملك أفغانستان» بتكليف «ابن عمه محمد داود بتشكيل الحكومة الأفغانية» فما كان من هذا الأخير بعد أن استتب له الأمر إلا أن عزل الملك وطرده خارج أفغانستان ولكنه لم ينعم بما خطط له وقام «نجيب الله» بانقلاب عسكري ضده وأنها حكمه.
من تلك الحوادث الثلاث يتبين لنا مدى تأثير الرجال على أوطانهم إن كان سلبا أو إيجابا وأن التاريخ مليء بالعبر والعاقل من يعتبر.
«تأبى الرماح إذا اجتمعنا تكسراوإذا افترقن تكسرت أحادا»