Loading the content... Loading depends on your connection speed!

الوفاة

ورحل سالم إلى جوار ربه

بقلم: توفيق يوسف العرج.

هناك أناس يولدون ويعيشون ثم يموتون دون أن يتركوا أثر لهم، أما البعض الآخر فهم يولدون ويعيشون ويغادرون هذه الدنيا الفانية تاركين بصمة واضحة وسجلاً حافلاً متوجاً بالولاء للوطن، عبر ذاكرة التاريخ، يعتز به الأهل والأصدقاء كلما تنسموا صفحات العطاء الخالدة لهذا “الشخص الراحل” عن دنيانا فلا يمكن للزمن تجاهلهم ولا للمكان أن يمحوا أثرهم، حتى لو تغيرت معالم المكان واختلف أناس الزمان، فلكل دولة أيام ورجال يصنعون أمجادها ويسطرون تاريخها بكل المآسي والمحافل ويسجلون النجاحات ليكونوا خير شاهد ودليل على عبق التاريخ وشموخه.

 

نتذكر كل “كلمة رثاء”، وكل ما قاله الشعراء والفلاسفة حين نفقد الأوفياء والمخلصين وكم يعتصر الألم قلوبنا حين رحل بالأمس “المغفور له الشيخ/ سالم الحمود الجابر الصباح” للقاء وجه ربه جل جلاله.

 

نتذكر هذا الرجل الذي كان مرافقاً عسكرياً لثلاثة من أمراء الكويت، خدم “دولة الكويت” بكل الحب والإخلاص منذ عام 61 وحتى 1987/م، فكان المرافق الخاص لحاكم الكويت الأسبق “الشيخ/ عبدالله السالم الصباح - يرحمه الله”، ورئيساً للحرس الأميري منذ عام 61 وحتى 1966/م، وحبه “للكويت وأهلها” لا تحده حدود ثم مرافق “حاكم الكويت المغفور له الشيخ/ صباح السالم الصباح - يرحمه الله - من عام 66 وحتى 1977/م”، وبعد ذلك مرافق “لصاحب السمو أمير البلاد الشيخ/ جابر الأحمد الجابر الصباح - حفظه الله ورعاه - من عام 78 وحتى 1987/م”، ثم أحيل للتقاعد، شيخنا المغفور له (بوصباح) له من الخصال ما يؤهله ليعتلي عرش قلوب محبيه في كل مكان وزمان، من تواضع وإخلاص ومحبة وعدل ورحمة وسعة الصدر...إلخ.

 

فقد رافق ثلاثة من أمراء الكويت لمدة 26 عاماً فكان بذلك يستحق لقب “قلب التاريخ” خلال تلك الفترة التي قد يجهلها الكثيرون ويتحدثون عنها بعد وعدم معرفة كاملة للأحداث المهمة.

 

وعاصر الغزو الغاشم للكويت عام 1990/م، فقد كان ذاك الوقت في “الولايات المتحدة الأمريكية للعلاج”، ويعلق في أحد “الأحاديث الصحفية” قائلاً: بمجرد سماعي هذا النبأ اسودت الدنيا في عيني وعاد بي شريط الذكريات ببطء إلى بيان ودسمان والشويخ والجابرية ومعالم الكويت القديمة وبواباتها المتماسكة وأهل الكويت جميعاً وأحسست بفقدان أعز ما أملكه وهو الوطن وترابه الغالي، “رحمة الله عليك يا شيخ/ سالم”، صدقت قولاً فأعز ما نملكه هو “الوطن وترابها الغالي”.

 

ونقول لكل الرجال الأوفياء الصادقين “فيما عاهدوا الله عليه” من حب وإخلاص للأهل والوطن، فقد صدق الحكماء الأولون عندما قالوا: أنه بإخلاص ووفاء الرجال يتعلم الأبناء والأجيال.

 

 

عزاؤنا الوحيد ما تركته من بصمات واضحة تخلد ذكراك الطاهرة لامعة وظاهرة على جبين الأولاد والأحفاد، وتركت لنا ينبوع حب لا ينضب نذكر فيه وفاءك وسماحتك وحبك لوطنك والمخلصين من أبنائه، قال تعالى: (يا أيتها النفس المطمئنة ارجعي إلى ربك راضية مرضية فادخلي في عبادي وادخلي جنتي) صدق الله العظيم.


   « السابق     1    2  ...  10    11    12    13    14    15    16    17    18     التالي »  


© جميع الحقوق محفوظة لموقع الشيخ سالم الحمود الجابر المبارك الصباح 2025