سالم الحمود وحكمة الصامتين
بقلم سامي عبداللطيف النصف
قبل مدة قصيرة جاءني اتصال من أخ فاضل أوصل لي رسالة من “الشيخ/ سالم الحمود” يدعوني فيها لزيارته “في ديوانه” للتحدث في بعض القضايا العامة، ومنها بعض ما طرحته في مقالات نشرت في “صحف كويتية وعربية”، وكنت قبل ذلك أسمع “بالشيخ المرحوم/ سالم الحمود” دون معرفة شخصية به عدا ما أشتهر عنه من كثرة الصمت وقلة الكلام والتروي في اتخاذ المواقف، لذا توجهت “لديوانه” في الوقت المحدد فرحب بي وأحسن الوفادة والاستقبال.
بعد ذلك بدا حديثه الهادئ منخفض الصوت حول الأحداث الجارية حولنا وعرّج على بلدنا فأفاض بالحديث عن ماضيه وحاضره ومستقبله، ووجدت في ثنايا كلامه علماً غزيراً وفهماً عميقاً للمتغيرات القائمة وختم حديثه بطرح عدة أسئلة أردف بعدها بالقول: “أعلم أنك تستطيع الإجابة عليها إلا أن ما أطلبه منك هو أن تأخذها معك وتفكر فيها ملياً فالفكر – حسب قوله – كلما اختمر حسن نتاجه، ثم ارجع إلي بعد ذلك بالإجابة الوافية عليها”.
مضت الأيام وقبل أن أجيب على تساؤلاته أتانا نعيه، فللفقيد الكبير “الشيخ/ سالم الحمود الصباح” الرحمة والمغفرة ولأهله وأصدقائه ومحبيه أحر التعازي القلبية، ففي فقده وفقد أمثاله تفقد الكويت جزءاً من حكمتها، ومما يزيد الأسى على فقده، ويكبر اللوعة في المصاب أنه في الوقت الذي التزم فيه الحكماء والعقلاء في بلدي فضيلة الصمت والتزموا الهدوء أطلق العنان بقوة للعقول الفارغة وسقط اللجام عن الألسن الطويلة الثرثارة، ممثلة بما يطرح في بعض المخيمات الانتخابية من أقوال مدمرة، وحناجر عالية تحرق أمثالها عشرات البلدان مجتمعة، لا بلداً صغيراً واحداً.
فنسمع – ونحن محزونون – تحريض المناطق على المناطق، والناس على الناس، وتصوير البلد وكأنه خرابة ينعق فيها البوم وتسرح في أركانها الضباع، لا بلد يحسدنا عليه 99% من شعوب أمم الأرض الأخرى لما يمنحه من حرية وتعددية وديموقراطية ورفاه اقتصادي وعمران وضمانات اجتماعية وصحية وتعليمية لأهله، “بوصباح” كم ستفقد الكويت حكمتك؟!